-->
فضاء القانون فضاء القانون
مساطر واجراءات

آخر الأخبار

مساطر واجراءات
جاري التحميل ...

قراءة في مشروع مدونة التحكيم

 

قراءة في مشروع مدونة التحكيم


 

                                                                                                                                                          من إعداد الطالب الباحث: سيد محمد ولد اعل

مقدمة:

لقد ظل موضوع فض النزاعات التي تنشأ بين المستثمر وشريكه أو عميله في الاستثمار مناط اهتمام بالنسبة لجميع التشريعات وذلك لما لهذا الأمر من اعتبار خاص في نظر المستثمر الأجنبي الذي يهمه ويطمئنه أن يجد عند قيام النزاع للفصل فيه قضاء يسير على القواعد والأصول التي استقرت في المعاملات التجارية وخصوصا الدولية منها.

ولما كان أسلوب التحكيم هو السائد في هذه المعاملات فقد أولاه المشرع المغربي عناية واهتمام خاص، لاسيما بعد ما تبين من قصور في قواعد التحكيم التي تم تنظيمها في قانون المسطرة المدنية والتي تم وضعها خصيصا للتحكيم الداخلي دون أن تولي اهتماما كبيرا لطبيعة المنازعات الدولية ومتطلبات فضها.

وهذا ما دفع بالمشرع المغربي إلى إعداد مشروع مدونة للتحكيم وقبل أن نتطرق إلى المستجدات التي أتى بها هذا المشروع (ثانيا) لابد من إلقاء أو إعطاء نظرة سريعة على المرحلة التي سبقت إعداد هذا المشروع (أولا).


 

أولا: المرحلة التي سبقت إعداد المشروع:

نظرا لما للتحكيم من أهمية بالغة بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين فقد تمت دراسة وضع مشروع إطار حديث للتحكيم.

وذلك بعد القيام بدراسة أولية حول وضعية التحكيم بالمملكة وذلك بهدف الوقوف على المعوقات القانونية التي تحد من فعاليته.

كذلك تم البحث في مدى ملائمة المقتضيات الحالية لقانون التحكيم مع مقتضيات المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب وقواعد التحكيم الدولي.

ثم إعطاء الحل الكفيل لتوفير نظام تحكيم فعال وموثوق به وذلك إما بواسطة القيام بتعديلات على المقتضيات الحالية للتحكيم أو بواسطة إعداد قانون خاص ومستقل في هذا الموضوع.

وبعد دراسة جميع القوانين التي تنظم التحكيم حاليا بالمغرب([1])تبين من ذلك عدم كفاية النظام الحالي لأنه لا ينظم جميع المسائل المتعلقة بالتحكيم: كموضوع التحكيم التجاري الدولي الذي لم يتم تنظيمه.

هذا بالإضافة إلى وجود مجموعة من القيود تحد من الحرية الاتفاقية في مجال التحكيم ويتجلى ذلك في المنع من اللجوء إلى التحكيم في مواضيع عدة.

وبالإضافة إلى ذلك تبين ضعف الممارسة القضائية في التحكيم حيث يتم الاقتصار على طلب منح الصيغة التنفيذية لأحكام المحكمين.

إضافة إلى عدم مواكبة الحلول الدولية في مجال التحكيم.

وقد تم ربط إصلاح التحكيم من أجل إرضاء تطلعات الفاعلين الاقتصاديين وكذلك من أجل السير في ركب الاتجاهات الدولية الحديثة بشأن التحكيم التجاري وخاصة الدولي منه.

وقد كانت مراعاة هذا الأمر مهمة سهلة ميسرة أمام واضعي هذا المشروع وكذلك اللجنة التي قامت بإعداد التعديلات عليه إذ سبق في عام 1985 أن أعدت لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة (اليونسترال) قانونا نموذجيا للتحكيم التجاري الدولي ودعت جميع الدول إلى نقله إلى تشريعاتها الوطنية، وأوصت أن يكون النقل موضوعا وشكلا، مطابقا للأصل بقدر المستطاع ليتحقق التوحيد التشريعي العالمي في هذا الجانب من التجارة الدولية، وهو ما كان هدف الأمم المتحدة من إعداد هذا القانون ولبى عددا كبيرا من الدول هذا النداء.

وفعلا سار واضعوا مشروع مدونة التحكيم في هذا الركب إذ يلاحظ بأن جل قواعد التحكيم التي أتى بها مشروع المدونة وخصوصا قواعد التحكيم الدولي لا تختلف كثيرا عن قواعد القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي (اليونسترال).

- بالنسبة لإعداد مشروع المدونة:

تم خلال إعداد مشروع المدونة وضع شروط نموذجية لإنجاز المشروع وتم تكليف الأستاذ محمد المرنيسي المحامي بالدار البيضاء بوضع المشروع الأولي وقد قام بإعداده بتاريخ 5 شتنبر 2002.

وتم تنصيب تبعا لذلك أعضاء لجنة التدوين وهي عبارة عن لجنة تضم عدة مختصين وفاعلين اقتصاديين من أجل مراجعة المشروع الأولي. وإدخال التعديلات الضرورية عليه.

وتم وضع المشروع النهائي من طرف اللجنة وذلك في صيغتين عربية وفرنسية بعد أن قامت بإدخال التعديلات عليه.

- ثانيا: مستجدات مشروع مدونة التحكيم.

تم وضع مدونة مستقلة للتحكيم تضمنت 65 مادة موزعة على أربعة أبواب.

- الباب الأول: مقتضيات مشتركة.

- الباب الثاني: التحكيم الداخلي (ويتضمن الباب ثلاثة فروع، الهيئة التحكيمية إجراءات التحكيم، الحكم التحكيمي).

- الباب الثالث: التحكيم الدولي.

- الباب الرابع: مقتضيات مختلفة.

وسنتناول المستجدات التي أتي بها مشروع المدونة في كل باب على حدة.

- على مستوى الباب الأول: مقتضيات مشتركة:

يتكون هذا الباب من 12 مادة (المادة 1إلى 12).

تم في هذا الباب وضع تعاريف متعلقة بالتحكيم وذلك على نهج الأسلوب الجديد في التقنين الحديث.

حيث تم إعطاء بعض التعاريف لمجموعة من المصطلحات المرتبطة بالتحكيم وخاصة تعريف التحكيم (المادة 4 من المشروع)([2]) وكذلك اتفاق التحكيم (عقد التحكيم، شرط التحكيم) (المادة 3)([3]).

والجديد في هذا الباب أنه تم توسيع مجال التحكيم ليشمل نزاعات لم يكن بالإمكان إجراء التحكيم فيها في إطار قانون المسطرة المدنية الحالي ومن بين هذه النزاعات:

1- النزاعات ذات الطابع المالي الناتجة عن نزاعات الأحوال الشخصية.

إذا كان الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية الذي ينظم التحكيم حاليا لا يجيز الاتفاق على التحكيم في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم، إلا أن مشروع مدونة التحكيم وحسب نص المادة 2 فقد وسع من مجال التحكيم ليشمل النزاعات ذات الطابع المالي الناتجة عن نزاعات الأحوال الشخصية والتي أصبحت وحسب نص هذه المادة يمكن أن تكون محلا للتحكيم([4])، ونفس الشيء أيضا ذهب إليه المشرع الموريتاني في المادة 8 من قانون رقم 2000-06 الصادر بتاريخ 20 غشت 2000 الذي يتضمن مدونة التحكيم([5]).

2- النزاعات المتعلقة بأشخاص القانون العام التي تنتج عن العلاقات الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو التجاري أو المالي.

إذا كان القانون الحالي الفصل 306 يمنع الاتفاق على التحكيم في عدة مسائل يحكمها القانون العام (النزاعات المتعلقة بعقود وأموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام –النزاعات المتصلة بتطبيق القانون الجبائي، النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان والتداول الجبري والصرف والتجارة الخارجية.

فإن مشروع مدونة التحكيم (المادة 2) وإن كان لم يجز الاتفاق على التحكيم في النزاعات التي تهم الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

إلا أنه استثني من هذا المنع النزاعات التي تنتج عن العلاقات الدولية ذات الطباع الاقتصادي أو التجاري أو المالي، ونفس الشيء نصت عليه (المادة 8) من مدونة التحكيم الموريتانية.

- ومن المستجدات التي أتى بها هذا الباب أنه تم النص في المادة 6 من مشروع المدونة على إمكانية إبرام اتفاق التحكيم ليتم اللجوء إلى التحكيم ولو كان ذلك خلال مسطرة جارية أمام المحكمة.

-  كذلك تم النص على إمكانية إجراء التحكيم بشأن العلاقات غير التعاقدية([6]).

- التخفيف من الشروط الشكلية في عقد التحكيم:

ينص الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية على أنه "يتعين إبرام عقد التحكيم كتابة".

كما أن المادة 309 من ق م م تنص على أنه "يتعين ... أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان.

وحسب رأي د.إدريس العلوي العبدلاوي فإن شرط الكتابة في عقد التحكيم هو شرط انعقاد وليس شرط إثبات([7]).

ويخالفه في ذلك د.عبد الكريم الطالب الذي يرى بأن الكتابة في عقد التحكيم غالبا ما تكون شرط إثبات وليست شرط انعقاد.

أما بالنسبة لشرط الكتابة باليد بالموافقة الخاصة عليه من قبل الأطراف فهو حسب رأيه أقوى درجة وأكثر اتصالا بالنظام العام إذ يلاحظ بأن المشرع يستعمل من جهة لفظ "يتعين" المفيد للوجوب ومن جهة أخرى يرتب البطلان على تحلف الشرط المذكور([8]).

وانطلاقا من هذا التشدد في شرط الكتابة والذي يكاد ينفرد به المشرع المغربي والذي لا يلاءم للمناخ التجاري الذي يقتضي السرعة والمرونة في المعاملات فقد راعا مشروع مدونة التحكيم هذا التشدد وابتعد عن الكثير من هذه الأحكام الموغلة في الشكاية، فبالرغم من أنه أوجب تحرير اتفاق التحكيم كتابة سواء بعقد رسمي أو عرفي أو محضر ينجز أمام الهيأة التحكيمية.

فقد نص في المادة 9 على أنه يعتبر اتفاق التحكيم مكتوبا إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في المراسلات والبرقيات التلغرافية أو بالتلكس أو بأية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال التي تثبت وجود أو مكان تبادل مذكرات الطلب أو الدفاع الذي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر" ونفس الشيء نص عليه المشرع الموريتاني في المادة 6 من مدونة التحكيم الموريتانية([9]).

- التحكيم المؤسساتي:

لم ينص قانون المسطرة المدنية الحالي على التحكيم المؤسساتي، وكان التحكيم لا يمارس إلا في إطار تحكيم خاص.

ورغم ذلك فقد أحدثت في المغرب عدة مراكز للتحكيم لتباشر مهامها في إطار القانون الحالي.

وقد جاء مشروع مدونة التحكيم ليفصل في هذا الموضوع ونص صراحة على أن التحكيم يكون إما خاصا أو مؤسساتيا أي بواسطة مؤسسة تحكيمية حيث تنص المادة 12 من مشروع المدونة "يكون التحكيم إما خاصا أو مؤسساتيا.

في التحكيم الخاص، يكون على الهيئة التحكيمية أن تنظم إجراءات التحكيم والمسطرة المتبعة أمامها ما عدا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك أو اختاروا نظام تحكيم معين.

عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية، فإن هذه الأخيرة تقوم بتنظيمه والإشراف عليها طبقا لنظامها وتحترم في جميع الأحوال القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع".

وقد نص المشروع على أنه "لا يمكن إسناد مهمة المحكم إلا لشخص ذاتي يتمتع بكافة حقوقه المدنية وإذا عين اتفاق التحكيم شخصيا اعتباريا لم يكن لهذا الشخص إلا سلطة تنظيم التحكيم والإشراف عليه (المادة 10 من مشروع مدونة التحكيم).

وكذلك نص المشروع في المادة 12 على أنه "... في التحكيم الخاص يكون على الهيئة التحكيمية أن تنظم إجراءات التحكيم والمسطرة المتبعة أمامها ما عدا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك أو اختارو نظام تحكيم معين".

عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية فإن هذه الأخيرة تقوم بتنظيمه والإشراف عليه طبقا لنظامها وتحترم في جميع الأحوال القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع" كذلك تم النص في المادة 13 على أنه "يتم تعيين الهيأة التحكيمية في إطار التحكيم المؤسساتي طبقا للمسطرة التي وضعتها المؤسسة التحكيمية المختارة".

- على مستوى التحكيم الداخلي:

تم تنظيم التحكيم الداخلي في إطار مشروع مدونة التحكيم من المادة 13 إلى المادة 46 وذلك في فروع ثلاثة.

الفرع الأول يتعلق بالهيئة التحكيمية، أما بالنسبة لفرع الثاني فخصص لإجراءات التحكيم وتم تخصيص الفرع الأخير للحكم التحكيمي.

- وأهم ما جاء به مشروع مدونة التحكيم على مستوى التحكيم الداخلي أنه حسم في الإشكالية التي كان يثيرها لجوء الأطراف إلى القضاء للبث في النزاع رغم وجود اتفاق التحكيم. وذلك في الموقف التي ستتخذه المحكمة هل تقضي بعدم الاختصاص أم تقضي بعدم قبول الطلب؟([10]).

فتم حسم هذه الإشكالية من طرف مشروع مدونة التحكيم حيث نصت المادة 21 على أنه "يتعين على المحكمة التصريح بعدم القبول بناء على طلب أحد الأطراف للنظر في نزاع تنظر فيه هيئة تحكيمية بموجب اتفاقية التحكيم.

إذا لم تكن الدعوى قد رفعت أمام الهيئة التحكيمية يتعين على المحكمة كذلك التصريح بعدم القبول بناء على طلب أحد الأطراف، ولا تثير المحكمة في كلتا الحالتين عدم القبول تلقائيا" وهذا يعني أن الأمر في هذه الحالة لا يتعلق بدفع بعدم الاختصاص وإنما هو دفع بعدم القبول.

ونص المادة 21 تقابله المادة 19 من مدونة التحكيم الموريتانية التي نصت على أنه على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم اختصاصها وان الأمر هنا يتعلق بدفع بعدم الاختصاص وليس دفعا بعدم القبول([11]).

- من مستجدات مشروع مدونة التحكيم أنه تم النص على صلاحية الهيئة التحكيمية بالنظر في اختصاصها (اختصاص الاختصاص) وفي الطعن ببطلان اتفاق التحكيم.

حيث نصت المادة 22 من مشروع مدونة التحكيم على أنه "إذا نازع أحد الأطراف ببطلان اتفاقية التحكيم.

بنت الهيأة التحكيمية في صحة وحدود ولايتها بمقتضى أمر غير قابل لأي طعن، إلا عند الطعن في الحكم التحكيمي وبنفس الشروط يتعين الدفع بعدم قبول الدعوى أو ببطلان اتفاق التحكيم قبل كل دفاع في الجوهر تحت طائلة عدم القبول".

*ومن المستجدات التي أتي بها المشروع هي صلاحية الهيأة التحكيمية للبث في المنازعات المتعلقة بتحقيق الخطوط وفي الزور.

- ومن المستجدات التي أتي بها مشروع مدونة التحكيم هي صلاحية الهيأة التحكيمية للبت في المنازعات المتعلقة بتحقيق الخطوط وفي الزور.

حيث ينص قانون المسطرة المدنية الحالي (المادة 313) على أنه "...ويوقف المحكمون أشغالهم إذا وقع الطعن بالزور ولو مدنيا أو طرأت أثناء التحكيم عوارض خبائية إلى أن تبت المحاكم العادية في المسألة العارضة...".

غير أن مشروع المدونة نص في المادة 23 على أنه "للهيئة التحكيمية الصلاحية ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك للبت في المنازعات المتعلقة بتحقيق الخطوط وفي الزور الفرعي طبقا لمقتضيات الفصول من 89 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية ما عدا إذا تعارضت مقتضياتها مع مسطرة التحكيم".

- هذا بالإضافة إلى منح صلاحية جديدة للهيئة التحكيمية لأن تقوم بإجراءات التحقيق من استماع للشهود أو تعيين خبراء.

وهذا ما نصت عليه المادة 25 من مشروع مدونة التحكيم "تقوم الهيئة التحكيمية بكل إجراءات التحقيق بالاستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو بأي إجراء آخر.

إذا كانت بين يدي أحد الأطراف وسيلة إثبات أمكن للهيئة التحكيمية أن تأمره بالإدلاء بها.

يمكن كذلك للهيئة التحكيمية أن تستمع إلى أي شخص إذا رأت في ذلك مصلحة.

يكون الاستماع أمام الهيئة التحكيمية دون أداء اليمين القانونية.

يمكن للأطراف أن يعينوا أيا كان ليمثلهم أو ينوب عنهم".

- علاقة قانون المسطرة المدنية بنظام التحكيم.

*الحرية المخولة للأطراف في اختيار المسطرة المتبعة.

تنص المادة 311 من قانون المسطرة المدنية الحالي على أنه "يتبع الأطراف والمحكمون في المسطرة الآجال والإجراءات المقررة بالنسبة للمحاكم الابتدائية إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك.

وقد نصت المادة 24 من مشروع المدونة "تنظم الهيأة التحكيمية مسطرة التحكيم دون أن تكون ملزمة بأن تطبق القواعد المتبعة لدي المحاكم، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم.

مما يفهم منه أن المشروع أعطي الحرية الواسعة للأطراف في اختيار المسطرة التي سيتم حل النزاع وفقها.

*إمكانية اتباع مسطرة تحقيق الخصوص والزور الفرعي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ما لم تتعارض مع مسطرة التحكيم.

حيث نصت المادة 23 من مشروع مدونة التحكيم على أنه "للهيأة التحكيمية الصلاحية ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك للبث في المنازعات المتعلقة بتحقيق الخطوط وفي الزور الفرعي طبقا لمقتضيات الفصول من 89 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية ما عدا إذا تعارضت مقتضياتها مع مسطرة التحكيم.

*تطبيق قواعد النفاذ المعجل الخاصة بالأحكام على الأحكام التحكيمية وهذا ما نصت عليه المادة 33 من مشروع المدونة التي تنص على أنه "تطبق على الأحكام التحكيمية قواعد النفاذ المعجل الخاصة بالأحكام".

- تطبيق مقتضيات المسطرة المدنية على تعرض الخارج عن الخصومة ضد الأحكام التحكيمية حيث نصت المادة 42 من مشروع المدونة على أنه "لا يواجه الأغيار بالأحكام التحكيمية ولو ذيلت بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا عليها تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للفصول من 303 إلى 305 من قانون المسطرة المدنية أمام المحكمة التي تعتبر مختصة في النزاع لو لم يبرم اتفاق التحكيم".

- احترام حقوق الدفاع.

تم النص صراحة في إطار مشروع مدونة التحكيم على ضرورة احترام القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع. وذلك في المادة 12 التي تنص "... تحترم في جميع الأحوال القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع" ورتب على عدم احترام حقوق الدفاع.

- أنه يخول حق الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي في التحكيم الوطني (المادة 43 من المشروع).

- كما أن عدم احترام حقوق الدفاع يعتبر من الأسباب المبررة للطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي في مادة التحكيم الدولي (المادة 57 من المشروع).

+ ضرورة متابعة الحكم لمهمته إلى النهاية (المادة 16).

+ النص على إمكانية تجريح المحكمين (نصت عليها المواد 16-17-18 من مشروع المدونة)

- النص على الحق في تمثيل الأطراف أمام هيئة التحكيم (المادة 25).

- النص على ضرورة التقيد بسرية المداولات (المادة 32).

- كذلك تم النص على أن الحكم التحكيمي يجب أن يكون معللا ويجب أن يتضمن عرضا موجزا لادعاءات الأطراف ودفوعاتهم.

- الطعن المتعلق بمنح الصيغة التنفيذية والطعن في قرار التحكيم.

- الطعن المتعلق بمنح الصيغة التنفيذية.

نصت المادة 39 من مشروع المدونة على أنه "لا يقبل الأمر بمنح الصيغة التنفيذية أي طعن لكن هذا الأمر يمكن أن يكون محل طعن وبقوة القانون بمناسبة الطعن بالبطلان حيث نصت الفقرة 3 من نفس المادة على أنه (غير أن الطعن بالبطلان المنصوص عليه في المادة 43 يتضمن بقوة القانون في حدود النزاع المعروض على المحكمة طعنا ضد الأمر بمنح الصيغة التنفيذية أو رفعا فوريا ليد رئيس المحكمة إذا لم يكن قد أصدر أمره بعد"

وبالتالي فإن الأمر بمنح الصيغة التنفيذية يكون قابلا للاستئناف خلال 15 يوما من يوم التبليغ وتبت محكمة الاستئناف فيه طبقا لمسطرة الاستعجال.

- الطعن فيما يخص قرار التحكيم:

تنص المادة 36 من مشروع مدونة التحكيم على أن الحكم التحكيمي يحوز بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي فصل فيه.

كما أنه لا يقبل أي طعن مع مراعاة ما نصت عليه المادتان 42-43 من المدونة التي أعطت إمكانية الطعن في القرار التحكيمي بتعرض الغير الخارج عن الخصومة حسب المادة 42.

والطعن بالبطلان حسب نص المادة 43.

حيث نصت المادة 42 من مشروع مدونة التحكيم على أنه "لا يواجه الأغيار بالأحكام التحكيمية ولو ذيلت بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا عليها تعرض الخارج عن الخصومة طبقا للفصول من 303 إلى 306 من قانون المسطرة المدنية أمام المحكمة التي تعتبر مختصة في النزاع لو لم يبرم اتفاق التحكيم".

أما بالنسبة لحالات الطعن بالبطلان فقد نصت عليهما المادة 43 من مشروع مدونة التحكيم التي بأنه "تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالطلان أمام محكمة الاستئناف التي صدر في دائرتها الحكم التحكيمي طبقا للقواعد العامة رغم كل شرط مخالف.

يمكن تقديم هذا الطعن بمجرد صدور الحكم التحكيمي وينتهي الأجل بمرور 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية.

لا يكون الطعن بالبطلان ممكنا إلا في الحالات التالية الآتية:

1- إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطلا أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم.

2- إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكيمية أو المحكم المنفرد بصفة قانونية.

3- إذ بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها.

4- إذا لم يتم احترام المواد 33 الفقرة 2 و32 فيما يخص أسماء المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي والمادة 35.

5- إذا لم يتم احترام حقوق الدفاع.

6- إذا خالف الحكم التحكيمي قاعدة من النظام العام.

تبت محكمة الاستئناف طبقا لمسطرة الاستعجال.

كذلك نصت المادة 44 من المشروع على أنه "يوقف أجل ممارسة الطعن بالبطلان تنفيذ الحكم التحكيمي. ممارسة هذا الطعن في الجل. له أيضا أثر موقف".

ونصت المادة 45 من المشروع أيضا، على أنه "إذا أبطلت محكمة الاستئناف الحكم التحكيمي تصدت لجوهر النزاع في إطار المهمة المسندة للهيئة التحكيمية فيما عدا حالتي البطلان لغياب اتفاق التحكيم أو بطلانه.

على مستوى التحكيم التجاري الدولي:

لقد نظم مشرع مدونة التحكيم، الأحكام الخاصة بالتحكيم الدولي وأفرد له الباب الثالث (المواد من 47 -62 من المشروع) 16 مادة.

هذا مع العلم بأن قانون المسطرة المدنية الحالي لم ينظم التحكيم الدولي، وإن كان المغرب قد صادق على اتفاقيات دولية تتعلق بالتحكيم وخاصة الدولي منه.

ونظرا لأهمية تنظيم التحكيم الدولي وما له من تأثير واضح على مستوى الاستثمار. فقد تمت مراعاة ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال.

بحيث نصت المادة 47 من مشروع مدونة التحكيم على أنه "تطبق مقتضيات هذا الباب على التحكيم الدولي مع مراعاة ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية، المصادق عليها من طرف المملكة المغربية والمنشورة في الجريدة الرسمية".

وعرفت المادة 48 من مشروع مدونة التحكيم، التحكيم الدولي كما يلي"يعتبر دوليا التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل، موطن أو مقر اجتماعي بالخارج ويجب تفسير مصطلح التجارة هنا بمعناه الواسع، هذا بالإضافة إلى أن التجارة الدولية تشمل كل المعاملات التي تتم على الصعيد الدولي بين الأشخاص الخاصة والعامة اللذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة.

ونظرا لأهمية التحكيم التجاري الدولي ولضرورة مسايرته لمتطلبات التجارة الدولية وما يتطلبه ذلك من مرونة وسرعة فقد أعطى مشروع مدونة التحكيم وحسن فعل للأطراف حرية كاملة في تنظيمه حيث تم النص على:

- حرية الأطراف في اختيار المحكمين (المادة 49 من المشروع).

- حرية الأطراف في اختيار المسطرة الواجب اتباعها خلال سير التحكيم (المادة 50).

- حرية الأطراف في اختيار القواعد الواجب على هيئة التحكيم تطبيقها على جوهر النزاع (المادة 52) هذا مع إمكانية اتفاق الأطراف على المحكمين للفصل كوسطاء بالتراضي (المادة 53).

فقد نصت المادة 54 من مشروع المدونة على الاعتراف بالأحكام التحكيمية الدولية بالمملكة حيث تم ربط هذا الاعتراف بعدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي.

وقد تم الأخذ بمخالفة الاعتراف أو التنفيذ للنظام العام الدولي كسبب يبرر إمكانية الطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بمنح الاعتراف أو الصيغة التنفيذية في المادة 57 من مشروع المدونة.

- تم إعطاء الحق في الطعن بالاستئناف ضد الأمر الذي يرفض الاعتراف أو رفض منح الصيغة التنفيذية (المادة 56).

- عدم تخويل حق الطعن بالاستئناف ضد الأمر القاضي بمنح الاعتراف أو الصيغة التنفيذية إلا في خمس حالات محددة (في المادة 57 من المشروع).

- عدم إعطاء حق الطعن بالاستئناف ضد الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الصادر في المملكة في مادة التحكيم الدولي ( الفصل 52 من المادة 59).

أما بخصوص الطعن بالبطلان.

- فقد تم إعطاء الأطراف حق الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي الصادر في المملكة في مادة التحكيم الدولي تبعا للحالات الخمس المنصوص عليها في المادة 57 من مشروع المدونة وهي:

1- إذا بثت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا على اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم.

2- إذا تم تعيين الهيئة التحكيمية أو المحكم المنفرد بصيغة غير قانونية.

3- إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها.

4- إذا لم يتم احترام حقوق الدفاع.

5- إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي.

- على مستوى الباب الرابع: مقتضيات مختلفة.

وأهم شيء أتى به هذا الباب ما نصت عليه المادة 63 من أن أحكام هذه المدونة لا تطبق على النصوص المنظمة لمساطر خاصة بالتحكيم بعض المنازعات (كالتحكيم في نزاعات الشغل ...).

كما نصت المادة 64 من المشروع بأنه تنسخ الفصول 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية.

إلا أنها تبقى سارية المفعول بالنسبة لصحة الاتفاقات التي تم إبرامها قبل دخول هذه المدونة حيز التطبيق وذلك بالنسبة لمساطر التحكيم الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو أمام المحاكم إلى غاية أن يتم الفصل فيها نهائيا واستنفاذ كل طرق الطعن.

وفي المادة الأخيرة (65 من المدونة) تم النص على أنه تطبق أحكام هذه المدونة بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية.


خاتمة:

يعتبر إعداد مشروع مدونة للتحكيم في المغرب حدثا هاما بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين، وذلك لما يعلقون عليه من آمال كبيرة بهدف حل جميع المشاكل التي ستحدث بينهم. وما يشهده المغرب الآن من فراغ تشريعي في التحكيم وخصوصا الدولي منه.

لكن إعداد أي قانون لا تكون له أية أهمية إلا بعد دخوله حيز التنفيذ، وننتهز هذه الفرصة لنطالب جميع السلطات المعنية بإصدار هذا القانون، وإدخاله حيز التطبيق في أسرع وقت ممكن لكي نستطيع أن نقف حقيقة على جميع الإشكاليات التي سيثيرها لا محالة عند التطبيق.

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] - المشرع المغربي نظم التحكيم منذ سنة 1913م وهو نظام مقتبس من قانون المسطرة المدنية الفرنسي لسنة 1806م.

- تم تنظيم التحكيم خارج قانون المسطرة المدنية مثل ظهير 19-01-1946م المتعلق بنزاعات الشغل.

 وكذلك الصلح في قانون الأسرة.

هذا إضافة إلى مصادقة المغرب على معاهدات دولية تنظم التحكيم مثل ظهير 19-02-1960 الذي يقضي بانضمام المغرب إلى معاهدة نيويورك 10-06-1958 المتعلقة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها.

وكذلك انضمام المغرب إلى اتفاقية واشنطن بتاريخ 18-03-1965 بشأن حل منازعات الاستثمار (مرسوم ملكي 31-10-65).

-مستجدات قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 (ف 306-327).

- قانون إحداث المحاكم التجارية 1997.

- الاجتهاد القضائي.

- أحداث مراكز للتحكيم في المغرب (الغرفة المغربية للتحكيم البحري 1980م) غرفة التحكيم الدولي على صعيد غرفة التجارة والصناعة بالدار البيضاء 1999م أحداث مركز للتحكيم بالرباط ومراكش ومشروع إحداث مركز للتحكيم بطنجة.

[2] - تنص المادة 4 من المشروع

"يكون موضوع التحكيم هو حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم".

[3] - المادة 3 من المشروع.

ويقصد في مدلول هذا القانون بـ اتفاق التحكيم، عقد التحكيم أو شرط التحكيم.

[4]- نص المادة 2 من مشروع مدونة التحكيم:

"لا يمكن الاتفاق على التحكيم في:

1-النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية باستثناء المنازعات ذات الطابع المالي الناتجة عنها...".

[5] - تنص المادة 8 من مدونة التحكيم الموريتاني على أنه "لا يجوز التحكيم:

في المسائل المتعلقة بالنظام العام.

في النزاعات المتعلقة بالجنسية.

في النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية التي لا تخضع للتحكيم الوارد في هذه المدونة باستثناء الخلافات المالية الناشئة عنها..."

[6] تنص المادة 5 من مشروع المدونة على أن "اتفاق التحكيم يلزم الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد فض نزاع نشأ أو قد ينشأ من علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية يكون اتفاق التحكيم على شكل عقد تحكيم أم شرط تحكيم".

[7] - د.إدريس العلوي العبدلاوي، الوسيط في شرح المسطرة المدنية "الجزء الأول" الطبعة الأولى 1998، ص 678.

[8] - د.عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية مطبوعات المعرفة، مراكش، الطبعة الثانية أكتوبر 2003.

[9] - تنص المادة 6 من مدونة التحكيم الموريتانية "لا يثبت اتفاق التحكيم إلا بمكتوب سواء كان رسميا أو عرفيا أو محضر جلسة أو محضرا محررا لدي هيئة التحكيم التي وقع اختيارها.

ويعتبر الاتفاق ثابتا بمكتوب إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال التي تبث وجود الاتفاق أو في تبادل طلبات أو مذكرات الدفاع التي يدعي فيها أحد الأطراف وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر وتعتبر الإشارة في عقد من العقود إلى وثيقة تشمل على شرط تحكيم بمثابة اتفاق تحكيم بشرط أن يكون العقد ثابتا بمكتوب وأن تكون الإشارة قد وردت بحيث يجعل ذلك الشرط جزءا من العقد".

[10] - ذ.عبد الحميد غميجة، قراءة في مشروع مدونة التحكيم، مقال منشور في منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 2، 2004 ص 124.

[11] - تنص المادة 19 من مدونة التحكيم الموريتانية على أنه "إذا رفع أمام محكمة قضائية نزاع منشور أمام هيئة تحكيم بموجب عقد تحكيم فعلي المحكمة القضائية التصريح بعدم اختصاصها بناء على طلب أحد الأطراف. وإذا لم يسبق لهيئة التحكيم أن تعهدت بالنزاع فعلي المحكمة كذلك التصريح بعدم اختصاصها ما لم يكن اتفاق التحكيم واضح البطلان...".



هدف هدا الموقع الاكتروني المغربي ، هو تبسيط المعلومات وتقديم المغرفة لعموم الزوار

إتصل بنا