-->
فضاء القانون فضاء القانون
مساطر واجراءات

آخر الأخبار

مساطر واجراءات
جاري التحميل ...

عرض حول التحكيم من منظور قانون المسطرة المدنية في المادة التجارية

 

 
 


                                                                                               

   الماستر المتخصص

                                               المهن القضائية والقانونية

                                                                                                

 

                 

عرض في موضوع:

التحكيم من منظور قانون المسطرة المدنية في المادة التجارية

 

 

   

من إنــــجـــــــاز  الطالب الباحث:                                      تحت إشراف الدكتور:

                                       التهامي القايدي

 

       

 

السنة الجامعية : 2009  -   2010


 

 

مقدمة:

يقصد بالتحكيم اتفاق أطراف النزاع على اللجوء إلى جهة قضائية اختيارية لفض نزاعاتهم القائمة أو المحتملة بواسطة شخص أو عدة أشخاص معينين من طرفهم أو من طرف هيئة متخصصة، فهو عبارة عن رد فعل مضاد لحرفية قانون القضاة، ويعبر عن إرادة ورغبة أطراف النزاع في التخلص من القانون بحل نزاعاتهم طبقا لمبادئ أكثر اتساعا من تلك التي ينظمها القانون الوضعي.

وقد نظم المشرع المغربي مسطرة التحكيم في الفصل 306 وما يليه من قانونا لمسطرة المدنية، وهذا التنظيم يهم فقط التحكيم الداخلي، في حين أن نفس التشريع لا زال مفتقرا إلى تنظيم خاص بالتحكيم الدولي، لذلك فإن الفصول المتعلقة بالتحكيم الواردة في قانون المسطرة المدنية تنظم فقط التحكيم التجاري الداخلي، وهو ما يدفعنا إلى بيان مختلف مراحل التحكيم بحيث نتطرق في مبحث أول إلى أشكال الاتفاق على التحكيم التجاري، في حين نخصص المبحث الثاني إلى طرق الطعن في الحكم التحكيمي وإلى منحه الصيغة التنفيذية.


المبحث الأول: أشكال الاتفاق على التحكيم التجاري

خول المشرع المغربي للأطراف شكلين من أجل سلوك مسطرة التحكيم:

أ-الشكل الأول: وهو بند أو شرط التحكيم، بحيث يتفق أطراف العقد الأصلي سواء كان عقدا مدنيا أو عقدا تجاريا على أن ما ينشأ من نزاع حول تفسير هذا العقد أو تنفيذه يحل بواسطة محكمين.

وإذا كان الاتفاق على شرط التحكيم يجوز حسب مقتضيات قانون المسطرة المدنية في المسائل المدنية والتجارية على حد سواء، فإن ما يجعل هذا التحكيم يطبق بكثرة وفاعلية في الميدان التجاري يكمن في كون التعيين المسبق لمحكم أو عدة محكمين لايجوز طبقا للفقرة الثانية من المادة 309 من ق.م.م.، إلا إذا تعلق بعمل تجاري، حيث يجب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان".[1]

كما أن الاتفاق على التعيين المسبق لمحكم أو محكمين لتفادي النزاع الذي يمكن أن يقع بين التجار، يدل على ملائمة التحكيم للبيئة التجارية التي تمتاز بالبساطة والمرونة والتعقيد في بعض الأحيان، وكذلك السرعة في إنجاز العمليات التجارية، وخاصة التجارة التي تنجز بين تاجرين ينتميان إلى بلدين مختلفين.[2]

وإذا تعذر على المحكمين لسبب ما أو لم يقم الأطراف بتعيينهم مسبقا ورفض أحد الأطراف عند قيام منازعة إجراء هذا التعيين من جانبه أمكن للطرف الآخر أن يقدم طلبا لرئيس المحكمة[3] لتعيين المحكمين بحسب نظره، ويصدر الرئيس هذا الأمر دون أن يكون هذا الأخير قابلا للطعن حسب مقتضيات الفصل 309 من ق.م.م.[4].

وقد أكد القضاء المغربي على مستوى المجلس الأعلى على هذه القاعدة حينما علل قراره بأنه "لكن، حيث إن تعيين محكم في نطاق الفصل 309 من ق.م.م. الذي هو نص خاص يكون في حدود الطلبات، وبأمر مبني على طلب لم ينص المشرع على أنه استعجالي وأن مراقبة كون حكم المحكمين غير معيب بالبطلان المتعلق بالنظام العام يكون لرئيس المحكمة المطلوب منه إصدار الأمر بالتنفيذ حسب صريح الفصل 321 من نفس القانون، وليس المطلوب منه تعيين المحكم، فيكون القرار المطعون فيه الذي لم يقبل الطعن الموجه ضد أمر تعيين المحكم، لأنه لايقبل الطعن غير خارق أي مقتضى ومجيبا عن الدفوع وتعفي عن باقي الجوانب المنتقدة والوسيلة غير ذات أثر في هذا الخصوص، وعلى غير أساس في الباقي...".[5]

ب-الشكل الثاني: وهو عقد التحكيم الذي هو اتفاق الخصوم على عرض نزاع قائم بينهم أو نشأ بينهم على حكم أو هيئة تحكيمية بدلا من عرضه على مؤسسة قضائية رسمية أي تابعة للدولة.[6]

ويشترط لقيام عقد التحكيم توافر شروط موضوعية وشروط شكلية:

فبالنسبة للشروط الموضوعية هي نفس شروط وأركان العقد بصفة عامة، بمعنى أنه يجب أن يقوم عقد التحكيم على الرضى وأهلية الخصوم، وأن يكون محله موجودا ومشروعا وداخلا في دائرة التعامل، وأن يبنى على سبب مشروع، وأن يكون الرضى خاليا من العيوب التي يمكن أن تشوب الإرادة.

وبالنسبة للشروط الشكلية، فإنها تتمثل في شرط الكتابة وفق ما ينص عليه الفصل 313 من ق.م.م.، ويجب أن يشار في العقد تحت طائلة البطلان إلى موضوع النزاع، وإسم المحكم أو المحكمين، وتحديد أجل لإصدار حكم المحكمين حسب مقتضيات الفصل 315 من ق.م.م.، وفي حال إغفال تحديد ذلك الأجل، فإن المحكمين يستنفدون صلاحياتهم وسلطاتهم بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم[7].

وعلاوة على ما سبق، فإن حكم المحكمين يجب أن يكون مكتوبا ومتضمنا لادعاءات الأطراف، ونقط النزاع والمنطوق الذي بت فيه وتاريخ ومحل إصداره وتوقيع المحكمين عليه، إلا أن المشرع المغربي لم يشترط تعليل قرار المحكم أو المحكمين منعا للأطراف من اللجوء للتعرض والاستئناف والطعن بالنقض في مواجهة حكم المحكمين، وبسط يد القضاء في مراقبة موضوع التحكيم، مع أن الجاري به العمل هو أن المحكمين يشعرون الأطراف بالأسباب المبررة لقرارهم[8]. كما أن حكم المحكمين لا يصدر باسم جلالة الملك حسبما سار على ذلك اجتهاد المجلس الأعلى، والذي نص فيه على أن المحكمين في النازلة هم خبراء يمارسون مهمتهم الحرة، وهي موضوع النزاع، وتعيين المحكم أو المحكمين أو تحديد طريقة تعيينهم، إلا أن هذا البطلان ليس من النظام العام.[9]

 

المبحث الثاني:

طرق الطعن في الحكم التحكيمي ومنح الصيغة التنفيذية

نتطرق أولا لطرق الطعن ثم نردف على ذلك بمنح الصيغة التنفيذية

1-طرق الطن في الأحكام التحكيمية

لاتقبل الأحكام التحكيمية أي حال من الأحوال الطعن بالطرق العادية طبقا للفصل 34-327 من ق.م.م.، إلا ما ورد من حق طلب إعادة النظر أمام المحكمة التي قد تكون مختصة في القضية، ولو لم يتم فيها التحكيم. ولكن الذي يقبل الطعن بالاستئناف أو بالنقض هو الأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم الحكمين الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.

وإذا كان المشرع المغربي لم يتطرق لمسألة بطلان الأحكام التحكيمية، فإن الرأي الراجح في الفقه يذهب إلى جواز دعوى بطلان المحكمين أمام القضاء العادي إذا ارتكزت على أسباب جوهرية يعمد التشريع إلى تحديدها حصرا.[10]

وهذا الفراغ التشريعي تداركه مشرع مدونة التحكيم في مادته 36-327 عندما نص على أنه: "تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف التي صدر في دائرتها الحكم التحكيمي طبقا للقواعد العامة رغم كل شرط مخالف.

يمكن تقديم هذا الطعن بمجرد صدور الحكم التحكيمي وينتهي الأجل بمرور 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية".

وقد حددت الفقرة الثالثة من المادة 36-327 من ق.م.م. حالات الطعن بالبطلان كالآتي:

1-إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطلا، أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم؛

2-إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة لاتفاق الطرفين؛

3-إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها، أو بتت في مسائل لا يشملها التحكيم أو تجاوزت حدود هذا الاتفاق، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له، فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها؛

4-إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين 23-327 (الفقرة 2) و24-327 فيما يخص أسماء المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي والفصل 25-327؛

5-إذا تعذر على أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاع؛

6-إذا صدر الحكم التحكيمي خلافا لقاعدة من قواعد النظام العام؛

7-في حالة عدم التقيد بالإجراءات المسطرية التي اتفق الأطراف على تطبيقها أو استبعاد تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

2-منح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية

إن الأحكام التحكيمية تبقى بدون أية فعالية في مواجهة الأطراف إذا لم يتم تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف القضاء، فحكم المحكم الصادر داخل المغرب في الميدان التجاري لايصبح نافذ المفعول، إلا بإعطائه الصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة التجارية المختصة والتي ينفذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية إذا كان النزاع التجاري معروضا على محكمة الاستئناف التجارية وتم عرضه على المحكمين بناء على اتفاق الأطراف.[11]

كما أن اختصاص رئيس المحكمة التجارية بهذا الشأن يخضع لنفس الشروط المضمنة في الفصل 320 وما يليه من ق.م.م.[12]

وفي هذا الإطار، يودع طلب تذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية من لدن أحد المحكمين، ولايصدر الرئيس أمره إلا بعد التأكد من أن حكم المحكمين غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام أو مشوب بخرق شكليات التحكيم.[13]

وللتوفيق بين ضمان حقوق الدفاع المتمثلة في تعدد درجات التقاضي، وبين اعتبارات السرعة في فض المنازعات التجارية، جعل المشرع المغربي خضوع الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين للاستئناف متوقفا على إرادة الأطراف الذين لهم إمكانية التخلي مقدما عن هذا الاستئناف عند تعيين المحكمين أو بعد تعيينهم وقبل صدور حكمهم.

وفي حالة ما إذا لم يتفق الأطراف مسبقا على التخلي عن استئناف الأمر القاضي بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، فإن هذا الأمر يكون قابلا للاستئناف ضمن الإجراءات العادية، كما أن القرارات الاستئنافية الصادرة في هذا الإطار تكون قابلة للطعن فيها بالنقض أمام الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى.

وإذا كان المشرع المغربي في الفصل 322 من ق.م.م. قد سمح للأطراف الطعن بالاستئناف أو بالنقض في الأوامر الرئاسية القاضية بمنح الصيغة التنفيذية، فإن المشرع لم يسمح بالطعن في الأمر بمنح الصيغة التنفيذية، وفتح للأطراف الطعن بالبطلان ضد الأمر بمنح الصيغة التنفيذية.

ومن بين المستجدات التي أتت بها مدونة التحكيم أن الأمر القاضي برفض الصيغة التنفيذية يجب أن يكون معللا، ويكون هذا الأمر قابلا للطعن بالاستئناف وفق القواعد العامة داخل 15 يوما من تاريخ التبليغ.

ويرجع السبب في نظرنا إلى عدم خضوع الأمر بمنح الصيغة التنفيذية لأي طعن، إلى تفادي طول إجراءات التقاضي من جهة، ومن جهة ثانية، إلى عدم إفراغ الأحكام التحكيمية من محتواها إن لم يتم الطعن فيها، وإلى جعل الأمر بمنح الصيغة التنفيذية يتماشى مع طبيعة المنازعات التجارية التي تعرض على التحكيم التي يتطلب حلها بأسهل طريقة وبأقرب وقت لربح الوقت، وتقليص النفقات وهذا لن يتحقق إلا باحترام الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين.


 

 

 

خاتمة

 

لقد جاء تنظم مسطرة التحكيم في قانون المسطرة المدنية ليكون مسلكا متبعا وطريقا مختصرا للوصول إلى حل النزاعات الناشئة أو التي قد تنشأ بين التجار أو في القضايا التجارية على الخصوص والتي لايخفى على أحد السرعة التي تتطلبها لحلها والسيطرة عليها، نظرا لما لها من مكانة رفيعة في نمو الاقتصاد الوطني الذي يتطلب حسن تسييره في وقت مناسب لذلك.


 

لائحة المراجع

 

- محمد لفروجي: "التاجر وقانون التجارة بالمغرب"

- محمد المجدوبي الإدريسي: المحاكم التجارية بالمغرب

- قرار عدد 16، صادر بتاريخ 05/01/2000 في الملف التجاري عدد 3538/94، قضاء المجلس الأعلى، العدد 56.

- أحمد شكري السباعي،                              ، الجزء الأول

- ليلى بنجلون: التحكيم التجاري في القانون المغربي والتشريعات العربية، دفاتر المجلس الأعلى، العدد الثاني، السنة 2002

 

 



[1]- محمد لفروجي: "التاجر وقانون التجارة بالمغرب"، ص: 355.

[2] - عزالدين بنستي،                         ، الجزء الأول، ص : 85.

[3] - يرجع الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية لتعيين محكم أو عدة محكمين فيما يخص العقود التجارية

[4] - محمد المجدوبي الإدريسي: المحاكم التجارية بالمغرب، م.س.،ص: 146.

[5] - قرار عدد 16، صادر بتاريخ 05/01/2000 في الملف التجاري عدد 3538/94، قضاء المجلس الأعلى، العدد 56، ص: 259.

[6][6] - أحمد شكري السباعي،                             ، الجزء الأول، ص: 231.

Y.Guyon. op.cit. p : 829

[7] - محمد المجدوبي الإدريسي: المحاكم التجارية بالمغرب، م.س.، ص: 145.

[8] - ليلى بنجلون: التحكيم التجاري في القانون المغربي والتشريعات العربية، دفاتر المجلس الأعلى، العدد الثاني، السنة 2002، ص 145.

[9] -  محمد المجدوبي الإدريسي: المحاكم التجارية بالمغرب، م.س.، ص: 145.

[10] -  عزالدين بنسيتي، مرجع سابق، الجزء الأول، ص : 86.

[11] - ليلى بنجلون، م.س، ص: 417.

[12] - م.م.م. الإدريسي: المحاكم التجارية بالمغرب، م.س.، ص: 150

[13] - ليلى بنجلون، م س، ص : 418

تنص المادة 31-327 من ق.م.م. على أنه : "لا ينفد الحكم التحكيمي جبريا، إلا بمقتضى أمر يمنح الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة التي صدر في دائرتها الحكم.

ولهذا الغرض يتم إيداع الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية إن اقتضى الحال، بكتابة ضبط المحكمة، ويتم هذا الإيداع من لن المحكم أو أحد المحكمين أو الطرف الذي يبادر بذلك خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره.

إذا تعلق التحكيم باستئناف حكم، يوع الحكم التحكيمي بكتابة ضبط محكمة الاستئناف طبقا لمقتضيات الفقرة السابقة ويصدر الأمر بمنح الصيغة التنفيذية من الرئيس الأول.




هدف هدا الموقع الاكتروني المغربي ، هو تبسيط المعلومات وتقديم المغرفة لعموم الزوار

إتصل بنا